المستكشف راشد ينطلق اليوم إلى القمر لتسجل الإمارات إنجازاً جديداً في قطاع الفضاء كونها المهمة الأولى عربياً

 

المستكشف راشد يحلّق اليوم بالإمارات نحو القمر

المستكشف راشد

ينطلق المستكشف راشد اليوم إلى وجهته نحو القمر، وذلك من داخل قاعدة كيب كانيفرال في المجمع رقم 40 في ولاية فلوريدا، في تمام الـ 12:39 ظهراً بالتوقيت المحلي (03:39 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأمريكية).

حيث تحمله مركبة الهبوط اليابانية «هاكتور آر»، على متن صاروخ الإطلاق «سبيس إكس فالكون 9»، لتسجل الإمارات إنجازاً جديداً في قطاع الفضاء كونها «المهمة الأولى عربياً»، فيما تم دمج المستكشف راشد على متن مركبة الهبوط «هاكوتو آر» التابعة لشركة الإطلاق الفضائي التجاري اليابانية «آي سبيس»، بنجاح في صاروخ الإطلاق الأمريكي «سبيس إكس فالكون 9»، استعداداً لإطلاق المهمة.

وتبلغ مدة المهمة العلمية «يوماً قمرياً واحداً»، أي ما يعادل 14 يوماً من مثيلاتها على كوكب الأرض، وستأخذ المركبة الفضائية طريقاً منخفض الطاقة إلى القمر بدلاً من الاقتراب المباشر، حيث تستغرق الرحلة نحو 5 أشهر بعد الإطلاق، فيما من المقرر أن يهبط المستكشف على سطح القمر بحلول أبريل 2023.

بث مباشر

ودعا مركز محمد بن راشد للفضاء الجمهور إلى متابعة الحدث التاريخي ولحظة إطلاق المستكشف راشد نحو سطح القمر، من خلال بث مباشر على قنوات التلفزيون وقناة اليوتيوب، فيما يمكن للجمهور الاطلاع على ملخصات وبرامج مشروع الإمارات لاستكشاف القمر المتاحة، عبر قناة اليوتيوب والموقع الإلكتروني لمركز محمد بن راشد للفضاء، والتي ستتضمن بثاً مباشراً للحدث، بدءاً من الساعة 10:30 صباحاً بتوقيت الإمارات.

وأنهى فريق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر الذي يتواجد حالياً في مقر الإطلاق لمتابعة الاستعدادات النهائية، كافة الإجراءات لتسجيل هذه اللحظة التاريخية المهمة، فيما عبر مهندسو المشروع عن جاهزيتهم لتنفيذ المهمة بنجاح، لتضاف إلى سجل الإنجازات الكبيرة والمتنوعة التي حققتها الدولة خلال السنوات الماضية بفضل العديد من المشروعات الفضائية النوعية التي أثرت المجتمع العلمي العالمي بما وفرته من بيانات ومعلومات.

دعم القيادة

من جهته، أوضح المهندس سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أنه بدعم القيادة الرشيدة استطاعوا بناء قدرات إماراتية لأول مرة في تقنيات جديدة مثل الهبوط على سطح القمر وتصنيع الروبوتات وبناء المركبات الفضائية، وأنهم عملوا خلال المرحلة الماضية لمهمة الإمارات لاستكشاف القمر على ترجمة رؤية القيادة وفكرها الرامي إلى تأسيس قطاع أبحاث وعلوم الفضاء في الإمارات على أسس قوية.

لافتاً إلى سعيهم على أن تكون المهمة بكافة تفاصيلها استمراراً لقصة نجاح الإمارات في قطاع الفضاء. وأضاف: إن مهمة الإمارات لاستكشاف القمر تسهم في رفد المجتمع العلمي بمعارف وخبرات جديدة نظراً لما ستوفره من بيانات علمية غير مسبوقة، التي من شأنها أن تعزز من رصيد الدولة ومكانتها على الساحة العلمية، عبر ما تقدمه من إسهام ملموس يشمل صوراً وبيانات فريدة، سيجري تسجيلها باستخدام أحدث التقنيات والأجهزة المبتكرة.

لافتاً إلى أن المهمة تدعو للفخر كونها الأولى عربياً التي تنزل على جرم سماوي آخر وهو سطح القمر، وأن الأهداف العلمية الواضحة تركزت في استكشاف منطقة جديدة على سطح القمر لم يكتشفها أحد من قبل، ومن ثم سيساعدنا ذلك في فهم وتفسير طبيعة تكوينها.

أياد إماراتية

من جانبه، أوضح الدكتور حمد المرزوقي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، أنهم يفتخرون بأن تصميم المستكشف تم تصميمه وتنفيذه بأياد إماراتية خالصة، فيما العديد من مكوناته تم تصنيعها داخل الدولة، وأنه مع نجاح المهمة سيكون للإمارات ومهندسيها بصمة ستظل للأبد على سطح القمر، لافتاً إلى أن المستكشف يتضمن أجهزة علمية تُتيح كشف جوانب لم تصل إليها الرحلات السابقة، وأن هذه الأجهزة تُستخدم للمرة الأولى في هذا النوع من المهام.

كما أكد المهندس أحمد سالم، مسؤول هندسة الأنظمة للمشروع، أن مهمة الوصول إلى سطح القمر تنقسم إلى 3 مراحل رئيسية، تشمل الأولى إطلاق الصاروخ والوصول لمدار الأرض، ثم المرحلة الثانية وهي انفصال مركبة الهبوط اليابانية «هاكتور آر»، التي تحمل المستكشف راشد، وتمتد هذه المرحلة وصولاً إلى القمر بين 3 ـ 4 أشهر، وصولاً إلى المرحلة الثالثة المهمة والأخيرة وهي مرحلة الهبوط والدخول إلى مدار القمر، وتتبعها التأكد من مكان الهبوط ومناسبته وأنه آمن، يليها خروج المستكشف من مركبة الهبوط لبدء المرحلة العلمية.

وقالت الدكتورة سارة المعيني، مسؤول أنظمة الاتصال والفريق العلمي للمشروع: إن المستكشف راشد يمتلك جهازي اتصال رئيسياً وثانوياً، وستنتقل جميع الأوامر من مركز محمد بن راشد للفضاء للجهاز الرئيسي الذي يعتمد على مركبة الهبوط، وفي حال وجود خلل به سيتم الانتقال للنظام الثانوي وهو نظام اتصال مباشر بين المحطة الأرضية والمستكشف.

وتابعت: إن أحد الأهداف للمستكشف هو دراسة سطح القمر وفهم مدى تطور القمر وكيفية نشأته، حيث ستساعد البيانات المجتمع العلمي، وسيضم 4 كاميرات تتحرك عمودياً وأفقياً، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا المجهر، وكاميرا التصوير الحراري.

حيث مهمة كاميرا المجهر تصوير الطبقة العليا من تربة سطح القمر وبدقة عالية، بحيث تعرض تفاصيل مكوناتها بشكل واضح من جزئياتها وأحجام الصخور وكيفية توزيعها على القمر وتركيبتها الجيولوجية والكيميائية، وهو الأمر الذي ساعد الفريق العلمي في التعرف على المراحل الزمنية لعمر سطح القمر.

وقالت المعيني: إن كاميرا التصوير الحراري، ستوفر صورة تساعد في معرفة خصائص تربة سطح القمر وأحجام حبيباتها، لافتة إلى أن هذه التقنيات حديثة وتوفر معلومات جديدة عن القمر.

حيث إن المهمات السابقة والحالية تأخذ معلوماتها من خلال صور تبعد مئات الأمتار عن سطحه، فيما المستكشف راشد بكاميرته الحرارية يوفر بياناته من مسافات قريبة جداً، فيما تطرقت إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر.

كما سيكون هناك نظام لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكل متين لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة.

كما أشارت الدكتورة المعيني إلى أن المهمة جاهزة للانطلاق، وإنها تنتظر اللحظة الأولى لعملية الاتصال بين المستكشف والمحطة الأرضية واستلام البيانات التي تعكس نجاح المهمة، مبينة أن التحديات التي واجهتهم خلال مراحل العمل على المستكشف هي عدم وجود بيانات حديثة عن سطح القمر يمكن الاعتماد عليها لبناء المشروع، وإنه لتجاوز هذا التحدي تم عمل الكثير من الأبحاث والتجارب للتعرف على طبيعة سطح القمر وفهمها والتأكد من فعالية التكنولوجيا الموجودة على المستكشف راشد، معتبرة أن مشروع الإمارات لاستكشاف القمر هو «إلهام» بحد ذاته للباحثين عن التحدي والنجاح وبناء الخبرات في قطاع الفضاء.


ولفتت المعيني أن المستكشف يتمتع بكفاءة وفعالية كبيرة، يستطيع من خلالها تأدية مهامه الموكلة إليه بشكل جيد، وأنه وخلال مراحل بنائه، كانت هناك عدة نماذج أولية قبل بناء النسخة النهائية منه، وأنه واجهتهم بعض التحديات والتي تغلبوا عليها، حيث تم إجراء بعض التعديلات على بعض النماذج والتصاميم الهندسية للهيكل، وصولاً للنموذج النهائي.

كفاءات وطنية

وطور المستكشف فريق من المهندسين والخبراء والباحثين الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث تم التصميم والبناء بجهود وطنية 100%.

وقال المهندس أحمد سالم، مسؤول هندسة الأنظمة في مشروع الإمارات لاستكشاف القمر: إن فريق العمل بذل قصارى جهده وصولاً لإنجاز وبناء المستكشف، مبيناً أنهم جاهزون لإنجاز هذه المهمة الجديدة، خاصة أن هناك الكثير من العمل تم خلال الفترة الماضية للوصول إلى إنجاز المستكشف بكفاءة، واعتبر أن أول خطوة للمستكشف راشد على سطح القمر، هي اللحظة الأبرز التي يمكن القول عندها إن المهمة وصلت إلى هدفها بنجاح.

وأضاف أن مهمته تتركز من خلال ربط كافة الأنظمة الخاصة بالمستكشف راشد لتقوم بعملها بشكل سليم، وأن مراقبة الأنظمة مستمرة على قدم وساق، وحتى هبوط المستكشف بنجاح على سطح القمر، وأن أكبر تحد بالنسبة إليهم تمثل في عامل الوقت وإنجاز المهمة في الزمن المحدد لها، وهو الأمر الذي تحقق بجدارة بفضل الكفاءات الوطنية التي عملت على إنجاز المستكشف.

بيانات أولى

بدورها، أوضحت ريم المحيسني، مسؤول الأنظمة الحرارية في مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، أنها تترقب أول البيانات عن الحالة الحرارية للمستكشف للتأكد من كفاءته، فيما وصفت المهمة بكلمة «إماراتي» بما تحمله من معاني الفخر والعزة والانتماء وغيرها من المعاني الوطنية العظيمة.

وبينت أن مهمة الإمارات لاستكشاف القمر فرصة كبيرة ومهمة لاكتساب الخبرات وتعزيز كفاءة الخبرات الإماراتية الاستثنائية والمتقدمة في بناء الروبوتات الفضائية، خاصة أنها تنطلق من أهداف علمية، في مقدمتها تطوير تقنيات الروبوتات الخاصة بأنظمة مركبات الاستكشاف، واختبار أجهزة ومعدات تقنية تتم تجربتها للمرة الأولى، تتعلق بالروبوتات والاتصالات والتنقل والملاحة، بهدف تحديد مدى كفاءة عملها في بيئة القمر القاسية، فيما سيساعد ذلك على اختبار قدرات الإمارات قبل الانطلاق في مهمات استكشافية مأهولة إلى المريخ.

اختبارات ناجحة

وأفاد عبد الله الشحي، مسؤول الأنظمة الميكانيكية في المشروع، أنهم أجروا عديد الاختبارات على المستكشف راشد للتأكد من كفاءة أجهزته، ومن بينها اختبارات الاهتزاز والفراغ الحراري، وهي سلسلة من الفحوص النهائية للتأكد من قدرته على تحمل البيئة القاسية التي سيتعرض لها، وتواكب التحديات الكبيرة المتعلقة بالبيئة الصعبة على سطح القمر، خاصة أن القمر يتصف ببيئة أقسى من بيئة المريخ، فيما تصل درجة الحرارة عليه إلى 173 درجة مئوية تحت الصفر، وأن المستكشف جاهز لتذليل وتجاوز هذه التحديات.

وتطرق إلى أن هناك العديد من المراحل التي مر بها المستكشف خلال تصميمه وتصنيعه وصولاً للنموذج النهائي الذي يتجهز للإطلاق، مبيناً أن مراحل تصميم المستكشف راشد بدأت من خلال تصميم النماذج الأولية، وأن أول نموذج تم تصنيعه اختص بإجراء اختبارات الحركة.

ومن ثم صنع الفريق المسؤول نموذجاً تأهيلياً والذي يحتوي على جميع الأجهزة العلمية والإلكترونية، وكذلك الحمولات الرئيسية الموجودة على متن المستكشف، وأنه بعد الانتهاء من هذه المرحلة قاموا بإجراء اختبارات بيئة الإطلاق عليه من خلال اختبارات الاهتزاز والبيئة الحرارية.

نجاح المشروع

كما ذكرت آمنة بوسعود، مسؤول التصميم والتنقل في المشروع، أن نجاح المهمة، سيحث الأجيال القادمة والحالية على التركيز على تصنيع وبناء الروبوتات وتعزيز الصناعات الفضائية، خاصة أن هذه المهمة تندرج ضمن استراتيجية المريخ 2117، وأنه بعد الهبوط والتحرك بنجاح على سطح القمر من خلال المستكشف، ستكون لديهم الفرصة مستقبلاً لصنع مستكشف آخر يهبط على سطح المريخ، وبالتالي فإن نجاح هذه المهمة سيساعدهم في تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية.

بيانات علمية

من جهته، أفاد الدكتور محمد الزعابي، مدير المحطة الأرضية وعمليات المستكشف راشد، بأن المهمة جاهزة، وأنه سيتم التحكم في المستكشف من خلال محطة التحكم الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، وسيتم إرسال واستقبال الأوامر الخاصة بالمهمة من خلال فريق وطني، وأنه بعد انتهاء مهمة المستكشف راشد بنجاح وتجميع البيانات العلمية وتحليلها، سيتم إيداعها وفق نظام مؤرشف لمعلومات شاملة عن القمر.

وذلك تسهيلاً للوصول إليها من جهة الباحثين والدارسين والعلماء حول العالم، خاصة أنه سيتم توفير بيانات وصور نادرة، ودراسة مواقع جديدة وإجراء اختبارات هي الأولى من نوعها.

0 Comments